في إطار جهود المملكة العربية السعودية لرفع جودة قطاع الضيافة والمطاعم بما يتماشى مع مستهدفات رؤية المملكة 2030، أقرت وزارة الشؤون البلدية والقروية والإسكان حزمة من الاشتراطات الجديدة للمطاعم الفاخرة. تهدف هذه الإجراءات إلى ضمان بيئة صحية آمنة وراقية، وتعزيز مفاهيم سلامة الغذاء، والحفاظ على الخصوصية وتجربة الزائر بمستوى عالمي.
تُعد المطاعم الفاخرة إحدى ركائز التنمية في قطاعي السياحة والضيافة، ما دفع الجهات التنظيمية إلى وضع لوائح دقيقة تواكب المعايير الدولية، وتراعي في الوقت ذاته متطلبات السلامة الغذائية، وحقوق المستهلك، وجودة الخدمة. وجاء هذا التحديث التنظيمي بالتعاون مع الهيئة العامة للغذاء والدواء، ليغطي جميع التفاصيل الفنية والإجرائية من لحظة دخول الزائر وحتى تقديم آخر طبق على الطاولة، مع الأخذ بعين الاعتبار آليات الطهو والتخزين، ومعالجة المكونات، ونقل الأغذية.
اشتراطات المطاعم الفاخرة في السعودية |
الارتقاء بتجربة الضيف: التنظيم يواكب الفخامة والخصوصية
أبرز ما يميز الاشتراطات الجديدة أنها تمنح تجربة الزائر أولوية قصوى، حيث يُلزم المطعم الفاخر باستقبال الزائر منذ لحظة دخوله من الباب حتى وصوله إلى طاولته الخاصة، مع ضرورة ترتيب متعلقاته الشخصية وتأكيد الحجز قبل الجلوس. كما يتعين على إدارة المطعم تقديم خدمات راقية تشمل صف السيارات (Valet Parking)، وتخصيص مناطق استقبال وخدمة منفصلة، وتوفير دورات مياه منفصلة للرجال والنساء.
ويحظر التصنيف الجديد على المطاعم الفاخرة استخدام خدمة الطلب من السيارة (Drive-Thru)، لما تحمله من تقليل لقيمة التجربة المرتقبة داخل المكان. وضمن الضوابط الجديدة أيضًا، يُمنع افتتاح أكثر من فرع لنفس العلامة التجارية داخل المدينة الواحدة، ما لم يكن الفرع موسميًا مؤقتًا، وذلك حفاظًا على جودة الخدمة وتعزيز التنافسية بين العلامات.
ومن عناصر الرفاهية التي أصبحت إلزامية: وجود خزانة معاطف، وحامل حقائب عند المدخل، ونظام صوتي متكامل مخفي الأسلاك لتقليل الفوضى البصرية، بالإضافة إلى قائمة طعام تتضمن على الأقل ثلاثة أقسام (المقبلات، الأطباق الرئيسية، الحلويات) بعدد لا يقل عن خمسة أصناف، وركن مفتوح لتحضير المشروبات أمام الزوار.
تشديد غير مسبوق على سلامة الغذاء في كل مراحل التحضير
في السياق التنظيمي الأهم، تُعد السلامة الغذائية جوهر اللوائح الجديدة، إذ ألزمت الوزارة جميع المطاعم الفاخرة بتطبيق أعلى المعايير الصحية فيما يتعلق بالمكونات وطرق التحضير والتخزين. تبدأ هذه المعايير من شرط وجود أخصائي معتمد في الصحة والسلامة الغذائية داخل كل مطعم، يتولى الإشراف على سلامة الأغذية، ومتابعة طرق التحضير، ومراقبة جودة المكونات.
كما فُرضت قيود صارمة على الأدوات المستخدمة، حيث يُمنع استخدام الأسطح أو الأدوات الخشبية، ويشترط أن تكون الأسطح الملامسة للأطعمة ملساء، غير مسامية، وسهلة التنظيف والتعقيم. كما يجب تخصيص أحواض لغسل اليدين داخل مناطق التحضير، مجهزة بمياه ساخنة وصابون، ومناشف ورقية، إلى جانب حاويات نفايات مخصصة.
ولضمان السلامة في الطهو، فرضت اللوائح ألا تقل درجة الحرارة الداخلية للأغذية عن 75 درجة مئوية، مع بدائل تعتمد على الزمن ودرجة الحرارة. أما في ما يتعلق بالتبريد، فشددت التعليمات على استخدام معدات التبريد السريع، وتقطيع اللحوم الكبيرة لتسريع البرودة، والالتزام بتبريد الأغذية الساخنة إلى أقل من 10 درجات مئوية خلال ساعتين.
وتُمنع إعادة تسخين الطعام أكثر من مرة، كما يجب التخلص من الأغذية المجمدة التي يظهر عليها علامات الذوبان، أو التي تجاوزت حرارتها 5 درجات لأكثر من ساعتين في حال انقطاع الكهرباء.
تفاصيل دقيقة تشمل الماء، الثلج، الصلصات، والتخزين الآمن
امتدت الاشتراطات لتشمل حتى جودة المياه والثلج، إذ يُشترط استخدام مياه صالحة للشرب فقط في الطهو والغسيل، مع ضرورة فصل معدات صنع الثلج عن مصادر التلوث، وتغطيتها جيدًا، وتنظيفها بانتظام.
كما منعت اللوائح استخدام البيض الطازج في تحضير الصلصات، وفرضت الاعتماد على البيض المبستر فقط، مع حظر تحضير المايونيز داخل المطاعم. وفي سياق متصل، منعت التعليمات تمامًا تكرار التذوق باستخدام نفس الأدوات، وشددت على توفير أدوات تذوق للاستخدام الواحد.
فيما يخص شروط التخزين داخل المطاعم، يتعيّن الالتزام بمجموعة من الضوابط الصارمة التي تضمن سلامة الأغذية وجودتها، حيث يجب فصل الأغذية النيئة عن الجاهزة تمامًا لتفادي حدوث تلوث تبادلي. كما يُمنع تمامًا تخزين أي مواد غذائية بالقرب من المنظفات أو المواد الكيميائية، حفاظًا على سلامة المحتوى الغذائي. ويُلزم برفع جميع المواد المخزنة عن الأرض بمقدار لا يقل عن 15 سنتيمترًا، وعن الجدران بمقدار 5 سنتيمترات، مع ترك مسافة لا تقل عن 30 سنتيمترًا عن الأسقف، لضمان التهوية المناسبة وتسهيل عمليات التنظيف. أما من حيث درجات الحرارة، فينبغي تخزين الأغذية المبردة في نطاق يتراوح بين صفر و5 درجات مئوية، والمجمدة تحت درجة حرارة لا تزيد عن 18 درجة مئوية تحت الصفر، في حين تُحفظ المواد المخزنة في حرارة الغرفة ضمن مدى يتراوح بين 15 و25 درجة مئوية. وتُمنع المطاعم من استخدام غرف تبديل الملابس كمخازن، ويجب أن تتم مراقبة نسبة الرطوبة في المخازن بحيث لا تقل عن 60% ولا تتجاوز 65%. وفي حالات الطوارئ مثل انقطاع التيار الكهربائي، يُحظر فتح الثلاجات أو المجمدات منعًا لارتفاع درجات الحرارة بداخلها، كما يتم التخلص من أي مواد غذائية تتجاوز الحدود الحرارية المسموح بها، حفاظًا على سلامة المستهلكين.
خاتمة: اشتراطات تضمن الريادة في قطاع الأغذية الراقية
إن اشتراطات المطاعم الفاخرة الجديدة في السعودية لا تمثل مجرد لوائح تنظيمية، بل هي حجر الزاوية لتطوير بيئة ضيافة حديثة تقوم على الجودة، والسلامة الغذائية، والخصوصية، والتجربة الفاخرة الشاملة. كما تؤكد هذه الإجراءات التزام المملكة برفع مستوى سلامة الغذاء، وتوفير تجربة صحية ومميزة لكل زائر، وجعل المطاعم الفاخرة بيئة جاذبة محليًا ودوليًا.
ويُتوقع أن تسهم هذه التحديثات في دفع عجلة الاستثمار في قطاع الضيافة، وتحفيز العلامات العالمية والمحلية على تحسين معاييرها، بما يواكب تطلعات المستهلك السعودي، ويعزز مكانة المملكة كمركز إقليمي وعالمي للتميز في مجال المطاعم والخدمات الراقية.
Tags
سياحة